الفصل 4

ابتسمت ابتسامة مفعمة بالفضة على حواف شفتيها. نظرت إلى يدي بدهشة، كانت البشرة الشاحبة مليئة بالجروح والكدمات.

لم أتردد عندما ألقيت ذراعي حولها. "شكراً لك." همست. كانت رائحتها مثل الكوخ، البخور والدخان.

وقفت هناك بشكل محرج لفترة طويلة، جسدها متصلب وغير متحرك، قبل أن تلين قليلاً وتربت على ظهري. "ليس أنا من يجب شكره. أنا مجرد رسول."

أطلقت سراحها، "كيف يمكنني أن أرد لك الجميل؟"

أدارت ظهرها لي، تحرك مقلاة مملوءة بسائل بنفسجي كثيف. "هناك دائماً أعشاب تحتاج إلى القطف... حطب يحتاج إلى الجمع... ذئاب تحتاج إلى الشفاء."

"سأفعل أي شيء، ليس لدي مكان أذهب إليه على أي حال."

"ستعملين معي مقابل سرير تنامين عليه وطعام تملئين به بطنك، اتفقنا؟"

"اتفقنا، متى أبدأ؟"

"الآن."


كان الغابة مختلفة تماماً عما كانت عليه من قبل، لم تكن مخيفة كما بدت. كنت أرى ألوان الأوراق، وكيفية تدفق الماء من الشلال قبل أن يصطدم بالنهر أسفل. كنت أرى كيف ينعكس الضوء في شظايا قوس قزح من القطرات التي تزحف على الزهور البنفسجية.

الزهور البنفسجية.

كان هذا أحد الأشياء التي تحتاجها أستوريا.

ساق ثلاث زهور بنفسجية، تجدها حيث يلتقي الصخر بالماء.

جمعت بسرعة ما أحتاجه، وألقيت الزهور في سلة صغيرة من الخوص كانت معلقة على ذراعي، قبل أن أتحرك. كنت أبحث في أرض الغابة عن 'جذر البلوط الملتوي'.

لم يمض وقت طويل قبل أن أجد ما تعنيه. شجرة بلوط عظيمة وقفت وحيدة في فسحة صغيرة، كان جذعها سميكاً كأربعة رجال على الأقل. أغصانها تمتد كأذرع يائسة نحو السماء، تلقي بظل منخفض على الأرض أدناه. عند قاعدة العملاق، كانت أصابع الجذور الخشبية ملتوية مثل أصابع ساحرة، تتلوى وتحفر طريقها فوق الأرض. كسرت الجذور، وألقيتها في السلة مع الزهور البنفسجية.

شيء آخر.

'توت سكران القمر'.

لم يكن لدي أي فكرة عما كان ذلك، ولا أين يمكنني العثور عليه، لذا تجولت بلا هدف لبضع دقائق قبل أن أقرر الجلوس على شجرة ساقطة. كان الطحلب الأخضر الناعم يغطي البتولا مثل بساط أخضر دائم.

"سكران القمر..." تأملت، "توت سكران القمر..." ما الذي يمكن أن يكون؟ نظرت نحو السماء، وكأنني أطلب من القمر بعض المساعدة، لكن الشمس فقط كانت تحدق بي. كان هيليوس أباً قاسياً لأبناء الأرض.

بقيت لدقيقة، فقط أستمع. أغلقت عيني وكان الغابة كما كانت من قبل. صوت الماء المتدفق، حفيف الأوراق، تناغم ألف شجرة تتمايل في الريح.

تحول حفيف الأوراق إلى دوي أقدام ممزقة عبر النباتات. قفز قلبي إلى حلقي وأنا أحاول العثور على مخرج من أي شيء كان يتجه نحوي.

أول شيء خطر ببالي فعلته، تسلقت أقرب شجرة. دون أن أفكر، أمسكت يدي باللحاء الخشن، وألقيت بنفسي للأعلى، كان الخشب القاسي يجرح كفيّ ولكني لم أتوقف حتى أصبحت فوق مظلة الأوراق، أنظر إلى الغابة من أسفل.

توقفت الأصوات فجأة. كنت أسمع أنفاسًا، لكنها لم تكن لأنفاس حيوان، بل شيء أكثر رعبًا.

عواء مزعج شق الهواء، كافحت لأتمسك بفرعي. شعرت يدي بالضعف واهتز جسدي، القوة القليلة التي كانت لدي هددت بتركها لي وأسقط بين براثن الوحش في الأسفل.

شاهدت برعب ذئبًا رمادي اللون يسير مباشرة تحت شجرتي. حبست أنفاسي. أصلي ألا أصدر أي صوت. كنت أظن أنه قد رآني، لأنه لثانية قصيرة رفع رأسه للأعلى، يستنشق بعمق محيطه. إذا لم يرني، فلا بد أنه قد شم رائحتي.

لكنه استمر في السير، مر من جانبي. صوت كسر رهيب حطم عزيمتي. وللحظة كانت الغابة صامتة.

لكن هذا الصمت كسره صوت خشن.

"يمكنك النزول الآن، دولسيس."

بقيت في مكاني، لا أجرؤ على التحرك. لم أجرؤ على التنفس.

تنهد بصوت منخفض. "انزل."

بدأت ببطء في النزول من مخبئي، غير متأكد مما سأجده في الأسفل.

ترنحت قليلاً عندما لامست قدماي الأرض، يد دافئة امتدت لتثبتني. قفزت للخلف، "لا تلمسني!"

نظر الرجل الأكبر سنًا بدهشة. "أنا آسف. لم أقصد إخافتك، دولسيس."

اهتز جسدي وارتعش، لم أرغب في أن يتم أخذي مرة أخرى. "من أنت؟" سألت بحذر.

"أوزيماندياس. محارب الشمال، مستشار الملك، وحارس إسمارا..." انحنى بانحناءة منخفضة. "في خدمتك."

تراجعت قليلاً. غير متأكد من الرجل الغريب أمامي. كان لديه ضفائر طويلة رمادية، تكاد تكون فضية، تصل إلى أسفل كتفيه، تتناقض مع بشرته الكراميلية التي بدت تقريبًا ذهبية في الضوء. كان يرتدي رداءً قرمزيًا طويلًا بخياطة فضية غنية.

دحرج توتة رمادية لؤلؤية بين أصابعه قبل أن يقذفها في الهواء ويمسكها بلسانه. "هل تريد واحدة؟" تساءل.

"هل هذه-...؟"

"-توتة مسكرة بالقمر." قاطعني. "نعم، هي كذلك." ومع ذلك، ألقى لي حفنة من الحبات الفاتحة اللون.

أوزيماندياس رافقني إلى كوخ العرافة، وشرح أن الملك الذي أشار إليه هو ألفا هذا القطيع. "هو ملك الشمال، دولسيس. احترمه واحترم إسمارا."

"ما هي إسمارا؟"

أشار إلى الأشجار حولنا وهو يقف على الدرج الخشبي المؤدي إلى كوخ العرافة. "انظر حولك، دولسيس. كل ما تراه، الأرض التي تشعر بها، الهواء الذي تتنفسه هو إسمارا."

Previous Chapter
Next Chapter